بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي أحلنا محلة الفهم وحلانا حلية العلم وملكنا عقال العقل وزيننا بنطق المنطق ونعوذ به من كدر صفاء الفكر وعكر ذهن الذهن وصلى الله على المبعوث بجوامع الكلم إلى أعقل الأمم وعلى جميع أتباعه والسائرين في منهاج أتباعه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فإن أجل الأشياء موهبة العقل فإنه الآلة في تحصيل معرفة الإله وبه تضبط المصالح وتلحظ العواقب وتدرك الغوامض وتجمع الفضائل ولما كان العقلاء يتفاوتون في موهبة العقل ويتباينون في تحصيل ما يتقنه من التجارب والعلم أحببت أن اجمع كتاباً في أخبار الأذكياء الذين قويت فطنتهم وتوقد ذكاؤهم لقوة جوهرية عقولهم وفي ذلك ثلاثة أغراض أحدها معرفة أقدارهم بذكر أحوالهم والثاني تلقيح الباب السامعين إذا كان فيهم نوع استعداد لنيل تلك المرتبة وقد ثبت أن رؤية العاقل ومخالطته تفيد ذا اللب فسماع أخباره تقوم مقام رؤيته كما قال الرضي:
فاتَني أَن أَرى الدِيارَ بِطَرفي **** فَلَعَلّي أَرى الدِيارَ بِسَمعي
وقد أنبأنا جماعة من أشياخنا قالوا أخبرنا مضر بن محمد قال سعت يحيى بن أكثم يقول سمعت المأمون يقول لإبراهيم لا شيء أطيب من النظر في عقول الرجال. والثالث تأديب المعجب برأيه إذا سمع أخبار من تعسر عليه لحاقه والله الموفق
ستنزل المواضيع قريبا